"ينبغي أن تستنبط لزلة أخيك سبعين عذرا، فان لم تقبله فرد اللوم على نفسك فتقول لقلبك: ما اقساك..يعتذر إليك أخوك سبعين عذرا فلا تقبله، فأنت المعيب لا أخوك.."
يتساءل الدكتور عبدالله فرج الله عن الذين يعملون بموجب هذا القرار،كم هم؟..يبحثون عن الأعذار و يبالغون في التماسها حتى تبلغ سبعين عذرا، والسبعون رقم فيه دلالة على الإكثار و المبالغة، من هؤلاء الذين يبحثون ثم يقبلون الأعذار بل لا يترددون في قبولها أو يتعبون أنفسهم في طلب الدليل على صدقها بل يكفيهم أن يجدوا العذر حتى يطيروا به فرحين، فقد عادت صورة الأخ إلى تألقها و نصاعتها من جديد و دفعت عنها الشبهات و أزالت الشكوك التي تأتي على رابطة الأخوة فتجعلها هباء منبتا لا وزن لها و لا قيمة. ففرحتهم في الحفاظ على هذه الأخوة و التمسك بهذا الأخ و عدم خسارته هي ما نؤكد فيه أن فقد الأخ غربة.
و يشدد الدكتور عبد الله فرج الله ثانية على التأكيد: كم هم الذين يعملون بهذه القاعدة الجليلة،يخطئون فيعتذرون، يساء إليهم فيلتمسون العذر، فان لم يجدوا لأخيهم عذرا لاموا أنفسهم، و تشددوا في لوها و تعنيفها حتى تستقيم حياة الجماعة و لا تسودها أجواء المشاحنات و لا ضجيج أهل المهاترات و لا فساد ذوي الخصومات. و لقد كتب احد المفكرين يقول: الإيمان و الأخوة في مرتبة واحدة، الإيمان بالله و تقواه و مراقبته في كل لحظة من لحظات الحياة،و الأخوة في الله تلك التي تجعل من المجتمع المسلم بنية حية قوية صامدة قادرة على أداء دورها العظيم في الحياة البشرية و في التاريخ الإنساني دور الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و إقامة الحياة على أساس المعروف و تطهيرها من لوثة الكدر..فهذا شان الأخوة في المجتمع الاسلامي شان عظيم و خطب جليل لكن كثيرا من أبناء الإسلام لا يدركون الحقيقة في أمرها لو لم يقرءوا عن عقود الأخوة في فقه الأولين.
و ما أجمل تلك الكلمات التي كتبها فضيلة الدكتور عبد الله موجها الكلام إليك أيها الأخ الكريم: ما اقساك يا أخي و أنت تدير ظهرك لأخيك،و أنت تقبض يدك و قت حاجته و أنت تحصي أنفاسه و تتابع زلاته و تكشف سوءاته...ما اقساك أخي و أنت تبصر القذى في عيني أخيك و لا ترى الحصى في عينيك...ما اقساك يا أخي حين لا تبسط يدك مصافحا و لا قلبك مسامحا و لا لسانك معتذرا..ما اقساك يا أخي حين تكبر الصغيرة و ترفع في شانها العقيرة و تؤكد فيها على إذكاء الخصومة.
هل رأيت كم تكون قاسيا و حقا ما أقساك و أنت تصر على معاقبة أخيك.