مناظرة بين مسلم وهندوسي
فهد بن عبدالرحمن الخريجي
الحمد لله الذي هدانا لنعمة الإسلام وجعله خير دين لكل الأنام وجعل صاحبه بعيداًً عن الخطايا والآثام.
أعرفكم بنفسي فأنا أخوكم في الله (أبو بكر) وكان أسمي قبل الإسلام (بالين) وأنا هندي الجنسية، وكما هو معروف لدى الجميع بأن الإنسان يتأثر بعائلته والمجتمع المحيط به سوء كان الأمر محموداً أم مذموماً، وقد كانت عائلتي على الديانة الهندوسية مما جعلني أتبعها حتى لا أكون مخالفاً لمن حولي في العقيدة، وبما أن الوالدين يقومان بهذه العبادة فقد اعتقدت أنها هي الصحيحة وكان أهم شيء في الحياة هو القيام بجمع المال وتنميته والقيام بصرفه على ملذات هذه الدنيا بدون تفكير ولو لثواني قليلة في الحياة الآخرة، وبما أن المجتمع يسير على نفس الطريق وله من التفكير مثل تفكيري فلم ينكر أحد منا تصرف الآخر أو يلاحظ أنه يسير في الطريق الخاطئ.
كانت فكرتي عن الإسلام مبهمة لأنه ليس لدي أدنى فكرة عن الإسلام لعدم وجود الكتب التي تتحدث عن الإسلام، وهناك سبب آخر هو عدم وجود الدعاة والناشرين لهذا الدين وعدم وصول الدعوة الإسلامية إلى المناطق البعيدة من العالم، وقد كان هناك بعض المسلمين من أبناء جلدتي ولكنهم لا يقومون للأسف بالدعوة لهذا الدين.
كما ذكرت سابقاً لم يكن لدي أدنى فكرة عن الإسلام حتى جاءني عقد عمل بالمملكة العربية السعودية في إحدى الشركات، فحضرت إلى المملكة وبدأت العمل وتعرفت إلى أحد العاملين من الجنسية الهندية وكان مسلماً، وفي يوم من الأيام ونحن في فترة الاستراحة للغداء عرض علي أن أعتنق الإسلام فرفضت فكرته ولكنه أشار لي بأن لا أستعجل بالحكم، وأن علي التفكير قبل إصدار الحكم، وقام يحدثني عن الإسلام وهذه مقتطفات من الحديث الذي دار بيني وبينه
عبد الله: لقد سمعت عن تعدد الآلهة لديكم فكم يوجد لديكم من إله؟
أبو بكر: يوجد لدينا الكثير من الآلهة حيث يوجد إله للحياة وإله للموت وإله للخلق وغيرهم كثيراً؛ لأننا نعتقد بأن كل إله يكون مسؤولاً عن شيء محدد بعينه كما قرأنا في الكتب.
عبد الله: ألا تعتقد أن كثرة الآلهة تؤدي إلى عدم انتظام الكون واستقراره لأن كل واحد من هذه الآلهة يريد الانفراد بتدبير الكون دون سواه مما يؤدي إلى ضياع الكون وتخبطه وأنت كما ترى فإن الكون منظم ودقيق في سيره وهذا دليل على أنه لا يوجد سوى إله واحد، وهذا ما يوجهنا إليه الإسلام لتوحيد الله، وإفراده بالعبادة ونحن نقوم بعبادة الله على طريقة محددة ومعينة فكيف تقومون بعبادة آلهتكم كما تزعمون؟
أبو بكر: لا يوجد لنا طريقة محددة في العبادة حيث يستطيع كل واحد منا أداء العبادة كما يحلو له، ويمكن أن يكون لكل إنسان طريقته الخاصة بالعبادة.
عبد الله: ألا ترى أن في كلامك مخالفة للمنطق، فكل شيء في الحياة له طريقته، فمثلاً أنت لا تستطيع النوم واقفاً فالصحيح هو النوم مستلقياً ونحن في الإسلام نقوم بأداء الصلاة على طريقة واحدة، ونقوم بالحج على طريقة واحدة، وأنتم تقومون بالعبادة كلٌ بحسب هواه وطريقته الخاصة أليس هذا شيئاً عجيباً؟! كما أجد أن البعض منكم يقوم بتقديس الأصنام والبقر أليس كذلك؟
أبو بكر: بلى نحن كذلك؛ لأننا نعتقد أن لها القدرة على حمايتنا ومساعدتنا كما يوجد لدى البعض اعتقاد بأنها هي الواسطة إلى الإله.
عبد الله: إنه شيء يتفطر له القلب من الألم، كيف طمست عن قلوبكم الحقيقة؟! فلتحضر لك صنماً وتقوم بتحطيمه وترى هل يستطيع أن يقوم بالدفاع عن نفسه؟ والله لن يستطيع ومن لا يستطيع حماية نفسه كيف يقوم بحماية الآخرين؟! أما في تقديس البقر فإن البشر يستخدمونها في الزراعة، وتحميل الأثقال، والاستفادة من لحمها، وهي لا تستطيع مساعدة نفسها للتخلص من هذه الأعباء فكيف تقوم بمساعدة الآخرين؟! أما المسلم فيطلب العون من الله - سبحانه وتعالى-؛ لأنه القادر على مساعدته ومد يد العون له كما أن له الأجر على ذلك، ولكن أنت إذا قمت بعمل جيد في دينك فما هو الأجر الذي تستحقه نظير هذا العمل؟
أبو بكر: لا نعلم ما هو الأجر المعطى لنا إزاء هذا العمل؛ لأنه لم يرد في كتبنا نصوص صريحة تدل على ذلك أو بالمعنى الصحيح لا يوجد أجر نقوم بأخذه على العمل الذي نعمله.
عبد الله: إن الإسلام قد وضح لنا الأجر الذي نأخذه عند التمسك به وهي جنة عرضها السموات والأرض وإن الإنسان إذا عمل عملاً صالحاً فإنه يضاعف له في الأجر إلى سبعمائة حسنة فأكثر ومن هنا يتضح لنا هدفاً نسعى للوصول إليه ولكن أنتم من ينجيكم من العقاب عند الحساب؟! وهل تعلم عند انتقالك للحياة الآخرة بعد الموت ماذا سوف يحدث لك؟
أبو بكر: في الحقيقة لا علم لي حيث لم يرد في كتبنا أن هناك حياة بعد الموت وأن هناك حساباً وعقاباً وحسب ما قرأت في كتبنا فإن الإنسان لا يموت وإنما تتجدد حياته سبع مرات متتالية.
عبد الله: لو كان هذا الكلام صحيحاً فلماذا لم يعد أجدادنا الذين ماتوا؟ أين هم آباؤك وأجدادك لماذا لا يعيشون معنا؟ نحن كمسلمين نعلم بأن هناك حياة بعد الموت حيث ذكر القرآن الكريم ذلك، ونعلم بأن هناك جنة وناراً ولذلك فنحن نستعد لهذا اليوم ولكن أنتم بماذا كان استعدادكم؟ كما أنني أسمع بأن لديكم التفريق بين البشر وأنسابهم فهل هذا صحيح؟
أبو بكر: نعم هذا صحيح فنحن نعتقد بأن هناك بشراً قد خلقوا من رأس الإله وبشراً خلقوا من بطنه؛ ولذلك فإن لكل واحد منهم مكانته في المجتمع، ويجب التفريق في المعاملة فيما بينهم.
عبد الله: سبحان الله إن الإسلام لا يفرق بين غني وفقير ولا صغير أو كبير وأوضح أن البشر خلقوا من تراب، ومن رجل واحد، وميزان التفاضل هو: التقوى حيث إن الإنسان على حسب تقواه عند الله ولا تفريق بين عربي وعجمي إلا بها.
بعد ذلك الكلام انتهت الفترة المحددة للاستراحة، وذهبت إلى عملي ومن ثم إلى منزلي وجلست أفكر في الحديث الذي دار بيني وبين ذلك الشخص فوجدته صحيحاً، وقد قبلت به نفسي بكل ارتياح، فقررت أن أدخل في الإسلام وأترك الهندوسية، وبالفعل ذهبت في اليوم التالي أنا وصديقي إلى مكتب الجاليات وأعلنت إسلامي والحمد لله، وعندما أرسلت رسالة إلى أهلي في الهند لأخبرهم بذلك قابلوا الأمر بالرفض والاستياء، وحثوني على ترك العمل في المملكة والعودة إليهم؛ لأنهم مصرون على وجوب رجوعي للديانة الهندوسية، وكذلك هناك بعض المدراء في العمل على الديانة الهندوسية قاموا بمضايقتي، ومنعي من حضور الدروس الدينية، كما أن هناك بعض الأصدقاء كانوا على علاقة وطيدة بي، وعندما علموا بإسلامي أصبحوا لا يتحدثون معي، ويتجاهلوني، وسبب ذلك: رؤيتهم لي بأني قد سلكت الطريق الخاطئ، ولكني أعلم بأني على طريق الحق، وابتعدت عن طريق الضلال، ولن يزيدني هذا الأمر إلا إصراراً وتمسكاً بما أنا عليه، والصبر حتى أنال أجر الآخرة من الله - سبحانه وتعالى-؛ لأني أعلم بجهلهم، وعدم معرفتهم للحق، كما أتوجه بالنصيحة لأخواني المسلمين الجدد بالمواصلة على الدروس الشرعية، وأن يكون اعتناقهم للدين الإسلامي بالعلم والمعرفة، وأن يقوموا بدعوة أقاربهم لهذا الدين العظيم، وأقول للذين لم يسلموا بأن يطلعوا على الإسلام والأديان الأخرى والمقارنة بينهما لمعرفة الحقيقة.
http://jmuslim.naseej.com المصدر: